“حذار مصاص الدماء!” احتاجت بلدة صربية نائية الى احياء اسطورة قديمة والمبالغة بعض الشيء بشأن انهيار سقف طاحونة والمراهنة على مخيلة الصحافيين لكي يعرف اسمها عبر العالم.
عند مدخل ساروزيي التي تتوزع منازلها القليلة على الجبال المكسوة بالاشجار في غرب صربيا، لوحة كبيرة تحذر الزائر من دخوله اراضي سافا سافانوفيتش “اول مصاص دماء صربي” .
وثمة رسم لهذه الشخصية باللباس التقليدي مكشرا عن انياب طويلة مع بعض قطرات دم على ذقنه.
وقد رفعت هذه اللوحة العام 2010 بفضل ميوداغ فيتيتش. فهو صاحب محطة للوقود ومقهى محلي يسعى منذ سنوات الى الترويج ل “سافا” الكنز الرئيسي لا بل الوحيد في البلدة املا بجذب السياح الذين سيساهمون برأيه في انعاش الاقتصاد.
واتت فكرة احياء هذه الاسطورة العائدة الى القرون الوسطى مع انهيار سطح طاحونة سافا الشتاء الماضي وهي واقعة في اسفل واد قاتم ضيق قرب نهر روغاسيتسل مما جعل مصاص الدماء مشردا…وغاضبا جدا.
وقد تناولت الصحف الشعبية المحلية ومن ثم الصحف العالمية الخبر الذي انتشر بعدها عبر الانترنت.
ونقلت وسائل الاعلام عن يوفيتيتش وجود مرسوم بلدي يحث سكان البلدة على وضع الثوم في منازلهم وحيازة صلبان خشبية للاتقاء من شر مصاص الدماء.
هذا المسؤول البلدي السابق البالغ 67 عاما ينفي ذلك مبتمسا “كلا لم يصدر اي مرسوم انها عادة قديمة تحدثت عنها فقط. الناس هنا متدينون وكل واحد منهم يملك صليبا خشبيا”.
ويؤكد ميلون بوركيتش صديق الطفولة والمستشار البلدي “لم نصدر ابدا اي مرسوم يدعو الناس الى شراء الثوم لحماية انفسهم”.
ويقول يوفيتيتش ان مصاص الدماء قد يكون اغتاظ من التأخر الحاصل في ترميم مسكنه. ويضيف “كان ينبغي ان نصلح الطاحونة منذ فترة طويلة. ينبغي عدم المخاطرة! فسافا كان موجودا فعلا واقام في ساروزيي وقد اصبح مصاص دماء هنا”.
وتفيد الاسطورةان سافا الذي كان طوله يزيد عن المترين ويقيم وحيدا في طاحونته اصبح مصاص دماء بعد وفاته في موعد نساه الجميع. ومنذ ذلك الحين كل من يتأخر ليلا في طاحونته يلاقي حتفه.
ويقول سلوبودان ياغوديتش وهو ستيني ممتلئ ضاحكا وهو يخرج من جيبه بعض حبات الثوم “يجب تعزيز الاسطورة والمغالاة فيها للوصول الى الهدف”.
ويضيف متسائلا “هل من احد يتساءل اليوم هل ان العذراء ظهرت فعلا في ميديغوري؟” في العام 1980. فهذه البلدة البوسنية القريبة يزورها عشرات الاف السياح سنويا مع ان الفاتيكان لم يؤكد يوما “هذه المعجزة”.
ومن دون وجود الانترنت في بلدتهم لم يطلع السكان على شهرة قريتهم الصغيرة الاعلامية. وعندما يبلغون ان الثوم “مقطوع” في منطقتهم يضحكون من كل قلبهم.
ويقول نيكولا يوفانوفيتش (37 عاما) بين ضحكتين “هذا امر سخيف! فنحن نزرع الثوم بانفنسا. ولحفظه منذ القدم نوثق حصص الثوم الى حبل نعلقه تحت السطح”.
وتضيف زوجته التي تقيم مع نجليها الصغيرين على بعد مئات الامتار القليلة من الطاحونة “المسكونة”، “نعرف ان هذه القضية لها اغراض سياحية. فلا بأس ان نجحت المحاولة لكننا بطبيعة الحال لا نخشى شيئا”.
الهيئة الوطنية الصربية للسياحة متحفظة وتعتبر ان الترويج للمواقع يجب الا يرتكز على هذا النوع من الاساطير”.
وفي البلقان تتنشر كثيرا الاساطير حول الارواح الشريرة. فكل بلد تقريبا له مصاص دماء خاص به على ما يوضح الاميركي جيمس ليون الحائز شهادة دكتوراه عن تاريخ البلقان وصاحب كتاب عن مصاصي الدماء.
فرومانيا هي مسقط رأس فلاد المخوزق الذي استوحيت منه قصة “دراكولا” الشهيرة لبرام ستوكير (1847-1912). اما كرواتيا فلديها “يوري غراندو الفظيع” الذي يرعب منطقة ايستريا.
ويؤكد ليون “الكثير من سكان البلدات يؤمنون بذلك”. الا ان مصام الدماء في دول البلقان لا يشبه بتاتا ادوارد كولين في سلسلة “توايلايت” لستيفاني ميير التي استمالت مئات ملايين القراء عبر العالم وحولت الى افلام هوليوودية.
ويقولون ليون مبتسما “مصاصو الدماء في الثقافة السلافية لا يصلحون لان يكونوا اصدقاء. فاذا عضك مصام دماء لا تصبح مصاص دماء بدورك بل تقتل”.javascript:emoticonp('
')